"نحو الاستقلال" ينظر في هذا المسار المعقّد الذي تشهده الأمة بقدر مواطنيها. وفيما تبدأ إيرلندا بالاحتفالات بالذكرى المئوية هذا العام، احتفت الجزائر بمرور 50 سنة على نيلها الاستقلال في العام 2012. فتعالج تجهيزات أمينة منيا وزينب سديرة هشاشة التاريخ والهوية. وبعملهما في سياق الجزائر المعاصرة، تركزان على الاختفاء المحدد للثقافة المادية التي قد تساهم في إفقار صياغة نمو المجتمع وفهمه. وتتعمدان تسليط الضوء على التراث الغني سبيلاً لمقاومة حالة فقدان الذاكرة وتشكيل نقاط مرجعية بصرية جديدة للمستقبل.
في "حارسات الصور" (2010)، أجرت زينب سديرة مقابلة مع صفية كواسي في دارها في الجزائر العاصمة حيث تحتفظ بأرشيف لنشاط زوجها. بدأ محمد كواسي بالتصوير في خمسينات القرن العشرين في باريس في صفوف جبهة التحرير الوطني الجزائرية. ومنذ أواخر الخمسينات وحتى الاستقلال في العام 1962، انتقل الزوجان إلى تونس وعملا في المنفى لحساب وزارة الإعلام في الحكومة المؤقتة لجمهورية الجزائر. وثم، استمر في العمل كالمصور الرسمي الأساسي (إن لم يكن الوحيد) للحكومة الجزائرية المستقلة حديثاً. حتى يومنا الآن، لم تحظَ صوره بالشهرة ولم تنل حقها من الدراسة وكثيراً ما كانت تستخدم أو تعرض من دون احترام حقوق النشر والتقدير الواجبة لها. لذا، من شأن مناقشة الصور أن تتيح لسديرة استذكار أبرز الأحداث التاريخية على المستويين البصري واللفظي، إلى جانب رواية حياة الزوجين الخاصة. وقد توخت الفنانة اختيار هاتين الشخصيتين بمثابة نداء عاجل توجهه إلى الخبراء والمموّلين للمساهمة في حفظ أعمال كواسي ونشرها في المستقبل.
أما أمينة منيا فتقدم عملين جديدين بما في ذلك تجهيز فيديوي بعنوان "ألبوم عائلي جد متميّز". بين العامين 1953 و1957، كلّف رئيس بلدية الجزائر جاك شوفالييه المهندس المعماري من مرسيليا فرنان بويون ببناء مجمعات سكنية للجزائريين المعوزين في وقت قياسي وميزانية ضئيلة. والفيلم بمثابة سرد ذاتي يستند إلى مراجع معمارية وتاريخية واجتماعية وسياسية، يعتمد على لقطات أرشيفية لمواقع البناء هذه. وقد تمت هذه "المعجزة" المعمارية والاجتماعية في الوقت نفسه الذي اندلعت فيه حرب الاستقلال الجزائرية.
أما تجهيز منيا الوثائقي بعنوان "إنكلوزد" فيبحث في التاريخ الاستثنائي للنصب التذكاري لضحايا الحرب العالمية الأولى (1928) الذي أنجز بتكليف من السلطات الفرنسية لوسط الجزائر العاصمة. ونحات الشخصيات الرئيسة بول لاندوسكي (فرنسا، 1875 - 1961) هو أيضاً من نفّذ كريستو ريدينتور (1931) في ريو دي جانيرو، البرازيل. وفي أواخر سبعينات القرن العشرين، طلب رئيس بلدية العاصمة الجزائرية من الفنان الجزائري المعاصر والمعروف محمد اسياخم تحويل هذه المنحوتة العامة. فإذا به يغطيها بعرض إسمنتي متآلف يطمسها ويحميها في آن معاً. وتعتبر هذه البادرة غير اعتيادية بما أنه غالباً ما يتم تفجير أو تفكيك أو تدمير أو تهجير أي تماثيل استعمارية "مهينة" في أي أمة مشيّدة حديثاً في أنحاء العالم كافة. ولكن هيكل العام 1978 بات متصدعاً ويخضع لحملة ترميم في الوقت الحالي. وفي التجهيز، تحاول منيا أن ترجع أعمال الفنانين صدى أحدهما الآخر. وبإعادة النظر في هذا النصب، تركز على حقبة الاستقلال المبكر وولادة الأمة.
Caroline Hancock
Independent curator and writer, based in Paris, France.
القيّمة الفنية: كارولين هانكوك
نحو الاستقلال
أمينة منيا وزينب سديرة
11 كانون الثاني/يناير – 24 آذار/مارس 2013