في 31 كانون الثاني/يناير 1988، أسس الفنانان ننديتيو أديبورنومو وميلا جارسما دار سيميتي للفنون في عاصمة الثقافة الإندونيسية يوجياكرتا. وبهذا، لم يطرح الزوجان الهولندي - الجاوي مصطلح "المعاصر" في عالم الفنون في إندونيسيا وحسب، ولكنهما افتتحا أيضاً أول غاليري في البلاد التي أخذت تدعم الفنانين الشباب لينظّموا معارضهم الانفرادية وتشهرهم في الخارج. في العام 1995، قامابتأسيس مؤسسة ياياسان سيني للفنون التي تكرس جهودها لأرشفة الأحداث الفنيةالإندونيسيةوتوثيقها وتم دمجهافي أرشيف الفنون البصرية الإندونيسي المستقل. وفي العام 2013، تحتفل دار سيميتي للفنون بالذكرى الخامسة والعشرين لتأسيسها ببرنامج "الأهداف المتبدّلة" الذي يضم معارض من أرشيف الغاليريومشاريع تشاركية في مختلف التخصصات الفنية لقيّمين فنيين شباب ومدراء فنيين.
في هذه المقابلة لمجلة نفس، يتحدث مؤسسا سيميتي عن الشؤون التجارية والسياسية ومشاكل الفنانين الشباب على الساحة الفنية الإندونيسية.
كريستينا شوت: كيف تبدّل مفهوم دار سيميتي للفنون في الأعوام الخمسة والعشرين الأخيرة؟
ميلا جارسما:عندما افتتحت دار سيميتي للفنون، لم يكن سوى أربع غاليريهات في يوجياكرتا، وكل ما كانت تفعله هو تأمين القاعات للفنانين وحسب. في المقابل، أردنا أن ندفع بفنانيناقدماً على المدى الطويل وأن نشهر الأعمال الفنية الإندونيسية في الخارج. في البداية، أخذنا نعمل على هذا الموضوع من خلال اتصالات خاصة حتى أننا كنا ننقل الأعمال في حقائب سفرنا الخاصة. وبطرح مصطلح "المعاصر" على الساحة الفنية الإندونيسية، حرصنا على تمييز أنفسنا عن الفنانين التقليديين. في ذلك الوقت، كانت غاليريهات الفن المعاصر تفهم على أنها محلات الباتيكالتجارية.
ننديتيو أديبورنومو:قبل 25 عاماً، كان الناس لا يزالون يعتبرون أنه يجدر بالفن أن يبيّن جوانب الحياة الممتعة فقط، وأنه ينبغي، قبل كل شيء، أن يرفّه عمن يشاهدونه. لذا، أردنا أن نوعّي الناس ونفهمهم أن الفن قد يشكل أيضاً وسيلة هامة للتعامل مع الصراعات الاجتماعية. وعلى العكس تماماً، أصبحت الجوانب التجارية اليوم في المقدمة. وباتت أهمية الفن تقاس على نحو متزايد بقدر النجاح الاقتصادي. أما الخلفية النظرية والفكرة الاجتماعية فيحتلان المؤخرة.
ميلا جارسما: يملك الفنانون الشباب الآن ما يكفي من الفرص لتسويق أنفسهم. لذلك، نوجه تركيزنا إلى مسار العمل الفني. ومنذ العام 2010، علّقنا عمليات المعرض العادي لنهتم ببرامج الإقامةالمتعددة التخصصات والثقافات. وفي إطار برنامج اليوبيل، نسعى إلى استفزاز جيل الشباب وإعطائهمالدفع لينتجوا أعمالاً جديدة: "الأهداف المتحوّلة" - لعكس اتجاه الأهداف.
كريستينا شوت: كيف لك أن تصف ساحة الشباب الفنية الإندونيسية اليوم؟
ننديتيو أديبورنومو: يختصر عنوان برنامج اليوبيل الكلام: "استكشاف الفراغ" باعتباره مهمة بالغة الصعوبة...
ميلا جارسما: يسهل إرضاء الفنانين الشباب اليوم. إذا كان دخلهم كافياً، لا يبذلون أي جهد إضافي للبحث على معنى أعمق - فيتلاعبون في المقام الأول بجماليات الكائنات. ومن المفارقات أن الساحة الفنية الإندونيسيةتستقطبالمزيد من الانتباه اليوم على وجه التحديد.
كريستينا شوت: هل كان الوضع مختلفاً في ما مضى؟
ميلا جارسما: في الماضي، كان لأبرز الفنانين دوافع اجتماعية وسياسية. قبل الحركة الإصلاحية (إسقاط نظام سوهارتوالاستبدادي في العام 1998 - المحررون)، كنا نعجب كثيراًبأعمال هامة. للالتفاف على الرقابة في ذلك الوقت، لم تكن دار سيميتي للفنون مسجّلة كمنظمة فنية، ولكن كشركة. ومع ذلك، كان جهاز المخابرات السرية يرسل المحققين السريين إلى كل افتتاح معرض، ولكنهم دائماً ما كانوا يشعرون بالارتباك لدى رؤية هذه الأعمال. وبعد التحوّل إلى الديمقراطية، أصبحت المواضيع السياسية فجأة تمثل الاتجاه السائد. واليوم، لم يعد من أعداء وأصبح الفنانون يشعرون بارتياح كبير.
كريستينا شوت: أي تحديات تنجم عن هذا الوضع؟
ميلا جارسما:يجب أن نحول دون اعتبار الأعمال الفنية منتجات تجارية ليس أكثر. ما زلت أؤمن بالأهمية الاجتماعية للفن - خاصة في بلد مثل إندونيسيا. للفن علاقة وثيقة بالتعليم وهو يساعد الناس على إدراك وجهات النظر البديلة وتقبّلها. لهذا السبب،ينبغي الحفاظ على التواصل مع الجماهير، حتى لو تم ذلك في إطار متواضع. بهذه الطريقة، يمكننا الحفاظ على حرية الرأي.
ننديتيو أديبورنومو:في الأساس، يجب أن نعمل على إعادة اكتشاف جمهورنا. ويرى الكثير من الناس في العولمة فرصة لتقديم المنتجات المحلية أو ببساطة الوطنية إلى السوق الدولية متناسين بالتالي أن ساحتهم الفنية ما زالت بحاجة إلى الدعم ليتمكن جيل جديد من الفنانين والقيّمين والمستفيدين من النمو. نود معالجة هذه الإشكالية بالضبط في إطار برنامج اليوبيل.
كريستينا شوت: ألا يندرج تعزيز الثقافة ضمن مهام الدولة؟
ميلا جارسما: في إندونيسيا،ما من متاحف تابعة للدولة أو بنى تحتية للفن المعاصر. وبالتالي، ما زالت المؤسسات الثقافية المستقلة البديل الوحيد المتوفر للغاليريهات التجارية التي، بالإضافة إلى دار سيميتي، تلقت حتى تاريخهالدعم من بلدان أجنبية. فقد حان الوقت لأن يبدأ الداعمون الإندونيسيون بفهم مقدار استفادتهم من حيوية المشهد الفني. ولإقناع الحكومة بمدى أهمية المشاريع الفنية غير التجارية، قمنا مع نحو 20 مؤسسة ثقافية أخرى بتأسيس التحالف من أجل الفن في إندونيسيا.
ننديتيو أديبورنومو: تغيّر الوضع قليلاً لأن الحكومة الإندونيسية أدركت أن الساحة الفنية المحلية تتمتع بقدرات اقتصادية باعتبارها قطاعاً ثقافياً – بما في ذلك المنافسة الدولية. إننا نأمل في أن تعترف مؤسسات الدولة أيضاً بالإنجازات الاجتماعية والثقافية للفن المعاصر وأن تسعى إلى دعمه من دون أن تفرض أي مبادئ توجيهية بشأن المحتوى.
كريستينا شوت: بأي دور يجدر بدار سيميتي للفنون أن تضطلع في المستقبل؟
ميلا جارسما: يجدر بدار سيميتي للفنون أن تصبح مساحة للمشاريع توفر مجالاًللفنانين الشبابليعرضوا أفكاراً جديدة، ويقوموا بالأبحاث، ويتقدّموا بالخطابات النقدية. ولا بدّ من التركيز على الحفاظ على الحوار بين مختلف التخصصات على أن يلهم أحدها الآخر.وفي برنامج الإقامة الذي نقدّمه، يكمن الهدف الأساسي في تبادل الأفكار ومسار العمل المشترك. وحرصاً على عدم تركيز الجهود كافة في يوجياكرتا وجاوة،سنسعى في المستقبل إلى تعزيز التعاونمع فنانين وعلماء اجتماع في جزر أخرى من إندونيسيا.
Christina Schott
Based in Jakarta, Indonesia. Works since 2002 as South-East Asian free-lance correspondent for German media. Co-founder of the correspondent's network weltreporter.net
دار سيميتي للفنون
مركز مستقل للفنون أسسه
في 31 كانون الثاني/يناير 1988 الفنانان
ننديتيو أديبورنومو وميلا جارسما