لطالما استخدمت الكاميرا أداة لأقبض على اللحظات ومن ثم أعمل انطلاقاً منها. وقد بلغت مرحلة أدركت فيها أن ما تنتجه الكاميرا كافٍ، فلم يعد من ضرورة لي لأرسم من صورة فوتوغرافية لأن التحفة النهائية ماثلة أمام ناظريّ. بدأت أنفّذ أعمال مونتاج الصور الرقمية في خلال السنة الثانية من دراستي الجامعية نظراً إلى النقص في العناصر التي أرغب في وجودها في الإطار وبدلاً من محاولة العثور على موقع للتصوير، قررت إنشائه.
مع مرور الوقت، أدركت أنني أعمل كرد فعل على بعض الحالات. ليس لعرض معين أو لسبب معين، كنت أبتكر لمجرّد الابتكار. وكان هذا العمل بمثابة تطهير مسرحي، ما إن أخرج الفكرة وأضعها في إطار حتى أنتقل إلى ما يجدر بي القيام به تالياً.
أدركت أن عملي هو رد فعل على ما أراه أو أشعر به، تبعاً لما جرى حولي من أحداث. ومن شأن محادثة بسيطة أو شعور بسيط أن يلهماني على ابتكار قطعة فنية جديدة. في هذه الأيام، أجد نفسي أتأمل المناظر الطبيعية وتعامل الناس معها. هل هم مرتبطون بها؟ هل نحن جزء من التغيير الذي يحدث أم لا؟ في بعض النقاط، أشعر بأننا مراقبون لكل هذه التغييرات التي تحدث حولنا، قد يكون للبعض يد في تلك التغييرات، ولكن معظم الناس متواجدون ليشهدوا عليها فقط.
أود استكشاف فكرة الشخص في منظر طبيعي وعلاقته به. أنتجت تأمل على سبيل المثال بعد أن كنت أقود سيارتي في دبي وأرى المباني تشيّد وكانت مجرد هياكل غير مأهولة بعد أو من المرتقب أن تصبح مأهولة. وكان هذا العمل رد فعل على إدراكي التغيير وحذري منه ونتائجه بحيث يجري ابتكار هوية جديدة، ويتطور الناس مع التغيير، يتمسّك البعض بما هم عليه فيما يحاول البعض الآخر التأقلم مع هذا التغيير، والشخص الماثل في هذا الإطار هو مجرد تمثيل لهذه الفكرة.
عندما كنت في المدرسة وفي أيام الجامعة الأولى، كنت مفتونة بأعمال سلفادور دالي والطريقة التي يلجأ إليها ليرسم بوحي من أحلامه مبتكراً ما يشبه الأحلام الجلية على لوحاته. عندذاك، بدأت أنظر في الأعمال السريالية وأفهم أكثر كيف ولماذا قاموا بما قاموا به. بدأت أبحث عن فنانين آخرين اعتمدوا الأسلوب السريالي في عملهم ووجدت عدداً قليلاً من الفنانين على الإنترنت الذين يبدو عملهم مثيراً للاهتمام لأنهم اعتمدوا المونتاج الرقمي الذي يعطي انطباعاً بأن الصور الفوتوغرافية لوحات. كنت أرغب في معرفة كيفية القيام بذلك، فعلّمت نفسي. تعلمت معظم مهاراتي الفنية على الإنترنت: وخاصة بواسطة برنامج فوتوشوب، وكانت خيارات التعلّم الحديثة على الإنترنت أكثر من تلك المتوفرة في الكتب.
تلقيت دروسي في مدرسة بريطانية في الإمارات العربية المتحدة حيث أطلعت على الفن الأوروبي والأمريكي أكثر مما اطلعت على الفن المبتكر في الإمارات العربية المتحدة أو في العالم العربي. لذا، كانت تجربتي الفنية في ذلك الوقت تشتمل على لوحات لنساء مع أواني القهوة وجمال تسير عبر الكثبان الرملية. لم أشعر بارتباطي بهذا النوع من الأعمال، مع أنني أرى النساء يحتسين القهوة والجمال في المناظر الطبيعية كل يوم. وكان رأيي في ما شاهدت وما كان مصوّراً في الفن مختلفاً. لذلك، عندما بدأت بصناعة الفن، لم أكن أرغب في أن أتناول موضوع "الإماراتية" لأنني لم أكن أريد أن أكون محط مقارنة مع ما أراه ولم أكن أود أن أستكشف ذلك لأنني لم أكن أرغب في أن أبتكر أعمالاً فنية يدرجها الجمهور في إطار "الفن الإماراتي" ويعتبر مجرّد الوجه الظاهر منه. كنت أريد أن يكون عملي أعمق، ما دفعني إلى استكشاف ثقافات أخرى، ولكن ليس ثقافتي.
وقد حدث ذلك عندما أتيحت لي فرصة المواجهة بين فكرة "الهوية" والسؤال عن موقعي ارتباطاً بكل هذا التغيير الحاصل من حولي. وقد حثّني هذا النوع من التفكير على استكشاف نفسي وهويتي والثقافة التي أشكل جزءاً منها - في سياق كيفية ارتباط الناس بالمناظر الطبيعية والمواقع الجغرافية. فأخذت أتساءل ما إذا كانت هويتنا تتغيّر تبعاً للمكان الذي نقصده. وبعد البحث، أدركت أن الإجابة على هذا التساؤل هو لا. بصفتي امرأة عربية، سواء كنت في أوروبا أو في أي مكان آخر من العالم العربي، ما زلت امرأة مسلمة وما يستقطب انتباه المشاهد للوهلة الأولى هو الملابس وطريقة اللباس. وهذا هو تبرير فكرة السيدات بملابس ملونة في المشهد.
الفنانون:
ريم الغيث
لطيفة بنت مكتوم
عبدالله السعدي
القيّم الفني:
واصف كورتون
مفوّضة الجناح:
الدكتورة لميس حمدان
للمرة الثانية
جناح الإمارات العربية المتحدة
بينالي البندقية الرابع والخمسين
4 حزيران/يونيو – 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2011
أرسينال
البندقية