إن مؤسسة الإمارات للنفع الاجتماعي هي من أبرز مؤسسات النفع الاجتماعية في دولة الإمارات العربية المتحدة. تقدّم الدعم المالي والتقني إلى مبادرات جديدة تطلق في مجالات تنمية الشباب ورعايتهم، وخلق بيئة معرفية وتطويرها، ودعم الثقافة والمجتمع عبر مختلف أرجاء البلاد. ومن شأن برنامج الثقافة والفنون أن يعزز مكانة الفنون الإماراتية البصرية والمسرحية والأدبية، ونوعيتها، وممارستها من خلال التعليم، والإنتاج، والنشر. ويوفر البرنامج الدعم المالي والتقني إلى المؤسسات غير الربحية والإماراتيين في مجالات الفنون البصرية، والسينما، والأدب، والفنون المسرحية، ودراسات المتاحف كما يدعم المؤهلين من الأفراد، والمنظمات، والمشاريع المجتمعية في كل مناطق دولة الإمارات العربية المتحدة من أجل رعاية الإبداع، ومواصلة تطوير البيئة المعرفية، وغرس تقدير الفن في مراحل الحياة كافة.
(من النصوص الواردة على موقع المؤسسة)
مقابلة مع سلوى المقدادي،
رئيسة برنامج الثقافة والفنون.
هاوبت وبيندر: بالعودة إلى العام 2007، أخبرنا عمر غباش في لقاء أجريناه معه بينما كان نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات، بأن استراتيجية المؤسسة تركز على الأفراد، تصغي إلى الناس وتسعى إلى معرفة ما الذي يحركّهم "لإدراك الأمور من الأساس والعمل على تطوير السياسات". وقد شدد على أن مؤسسة الإمارات تعمل على "مقياس إنساني"[1]. هل لا يزال هذا التركيز على الفرد أحد اهتمامات مؤسسة الإمارات الرئيسة؟
سلوى المقدادي: ما زالت مؤسسة الإمارات تركّز على تمكين الشباب من خلال توفير المنح الفردية لهم بغية مساعدتهم على تحقيق كامل طاقاتهم الشخصية والفكرية في مجالات الفنون والثقافة والعلوم والتعليم والتنمية الاجتماعية والثقافية. أوافق على أنه عبر الوصول إلى الأفراد ومنظمات المجتمع بفضل الحوار والبحث يمكننا تحديد احتياجاتهم والاستجابة لها. وعندما تولّيت منصب رئيسة برنامج الثقافة والفنون، لم أتّكل على أي أفكار مسبقة حول اتجاه البرنامج وإنما أمضيت معظم السنة الأولى أجتمع بمواطنين وروّاد في مجال الفنون والثقافة، وأشارك في فعاليات لأضمن حواراً مفتوحاً مع الأطراف المعنية. أما برنامج المنح فهو مشروع قائم يشهد تقدماً ويتجاوب بشكل مستمر احتياجات المجتمع.
هاوبت وبيندر: عملتِ لسنوات عدة في مجالات الرعاية الفنية والبحث والتحرير أكان بشكل مستقل أو في مؤسسة في الولايات المتحدة بشكل أساسي. كيف يمكنكِ تطبيق هذه التجربة من موقعك الحالي، أي إزاء اتخاذ قرارات التمويل والقيام بهذا العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة؟
سلوى المقدادي: مع أنني كنت مقيمة في الولايات المتحدة على مدى العقود الثلاثة الماضية، إلا أنني استمريت في العمل في العالم العربي، أسافر بشكل متكرر إلى المنطقة وأجري البحوث حول الفن الحديث والمعاصر في العالم العربي، ما أبقاني مطّلعة على الممارسات الفنية في المنطقة. وقد ساعدني البحث عن مؤسسات فنية عربية على فهم الساحة الفنية والثقافية في الإمارات العربية المتحدة ضمن سياق العمل المؤسسي غير الربحي في العالم العربي. ولا شك في أن ارتباطي بمتاحف في الولايات المتحدة وانتمائي إلى جمعيات مهنية مثل جمعية المتاحف الأمريكية قد أفادا عملي الحالي عبر الاتصال بالمواطنين الإماراتيين والمساهمة في تأمين فرص للتدرّب في المتاحف والإقامة في دور للفنانين وتنظيم دورة لدراسات المتاحف. وبما أنني من مؤسسي جمعية الفن الحديث والمعاصر في العالم العربي وإيران وتركيا، فإنني ملتزمة بالإسهام في تقدم البحث في مجال الثقافة والفنون وذلك ينعكس بشكل واضح على منح البحوث المقدّم هذا العام كجزء من برنامج الثقافة والفنون. الواقع أن تجربتي السابقة تساعدني على تطوير هذا البرنامج وتمنحني الثقة لأكون مرنة وأعمل على تقييم نتائج المشاريع المحتملة في مجال عملي بشكل أفضل.
هاوبت وبيندر: كيف تشارك مؤسسة الإمارات في نشاطات التبادل الثقافي؟
سلوى المقدادي: وفّرت برامج الإقامات والتدريب الدولية للإماراتيين منحاً للإقامة والخضوع للتدريب في متاحف ومؤسسات فنية في الولايات المتحدة والبرازيل وفرنسا وإنكلترا. وحالياً، يتوسّع هذا البرنامج إلى بلدان أخرى. على سبيل المثال، واستجابةً للحاجة إلى التبادل الثقافي الإقليمي، أدرجنا منحتين جديدتين الجار للجار و المشاركة. توفّر المنحة الأولى فرصاً للمواطنين الإماراتيين ليتعاونوا مع الفنانين العرب والعاملين في المجال الثقافي في دول مجلس التعاون الخليجي في حين أن المنحة الثانية تسمح لهم بالعمل مع الفنانين العرب المقيمين على أساس فردي بغية إحياء تقليد التدريب المهني كطريقة لتعلّم الحرف والفنون. كذلك، نتعاون مع وكالات ثقافية دولية. مؤخراً، قامت المؤسسة بالتعاون مع السفارة الفرنسية في الإمارات العربية المتحدة بدعم إقامة فنان فرنسي في كلية الفنون في جامعة زايد لمدة شهرين.
هاوبت وبيندر: في المعلومات المتوفّرة عن مؤسسة الإمارات حول برنامج منح البحوث أشير إلى أنه "من الضروري أن يرتكز البحث والتحليل النقدي على التخطيط الاستراتيجي في التنمية الثقافية الوطنية في دولة الإمارات. وفي الوقت الحالي، هناك ندرة في البحوث في مجال الثقافة والفنون". هل ازداد هذا البحث منذ إعداد هذا البرنامج؟ هل تنتظر المؤسسة الاقترحات فقط أو تتوفّر اقتراحات تم التقدّم بها بإيعاز من المؤسسة نفسها؟
سلوى المقدادي: إن البحث في مجال الفنون والثقافة أساسي لتحديد الاحتياجات في هذا المجال عبر إرساء معايير لتقييم المنح وتقدير نتائجها. وتشجّع المؤسسة الكليات الجامعية على التقدّم بطلبات لمنح البحوث وتوصي بالأولويات. وقد قمنا في الوقت الحالي بتكليف بحث ينظر في مشاركة الإماراتيين المتزايدة في صناعة السينما، والمسرح التجريبي وتطبيقه في مجال التعليم، والفنون البصرية الإماراتية في سياق تطور ممارسات الفن المحلي والإقليمي الجديد. ونعتزم التركيز في العام 2011 على البحث في مجال التراث الإماراتي. وقد أُطلِق برنامج البحوث في العام 2010 ولا يزال في مراحله الأولى بالمقارنة مع برنامج المؤسسة للعلوم والتكنولوجيا الذي تقدّم مؤخراً بـ55 منحة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة وتكنولوجيا المعلومات والأغذية والزراعة والطب والصحة.
هاوبت وبيندر: بدأت مؤسسة الإمارات مؤخراً بتقديم دورات وورش عمل في دراسات المتاحف. هل يمكن اعتبار هذه الخطوة على أنها تحوّل في برامج المؤسسة من الدعم إلى إطلاق النشاطات وتصميمها؟
سلوى المقدادي: يسرّني أنكم طرحتم هذا السؤال. في أواخر العام 2009، بدأنا بتقديم منح دراسية لدرجة الماجستير في دراسات المتاحف، والتربية الثقافية والفنية في المتاحف، وحماية وحفظ التراث المادي ودراسة الإدارة الثقافية، وتصميم وتقييم المعارض وذلك نظراً إلى الحاجة الملحّة إلى هذه المهن في دولة الإمارات العربية المتحدة وإعداد المواطنين الإماراتيين للاضطلاع بدور قيادي في المتاحف القائمة والمخطط لها في البلاد. وسرعان ما أدركنا أن المتقدمين بطلبات لهذا البرنامج قد تستفيد من دورة تمهيدية في المجال قبل الشروع في الدراسات العليا. وقد أدى بنا النقص في المقررات الجامعية التي تعدّ الطلاب لهذا المجال إلى اتخاذ هذا القرار. إنها خطوة لمد الجسور مفصّلة وفقاً لاحتياجات الإماراتيين المتقدّمين بطلبات للحصول على منح من المؤسسة للتدريب والدراسة. وبالتالي، تطلع الطلاب على الوظائف المتوفرة في المجال وأحدث النظريات في دراسات المتحف، وتقدّم لهم المشورة في برامج الدراسات العليا والتدريب. ومن بين الطلاب الإثني عشر الذين تخرّجوا من الدورة الأولى، تم قبول خمسة لدرجة الماجستير وواحد لدرجة الدكتوراه في دراسات المتاحف. وبعد نجاح الدورة، قمنا بتقديم دورة أخرى تستغرق خمسة أشهر اعتباراً من 15 كانون الأول/ديسمبر 2010 مع 15 مشاركاً.
يرمي برنامج الثقافة والفنون إلى دعم مشاريع مؤسسات المجتمع المدني وليس استحداثها، وهذا أمر بالغ الأهمية لنجاح المؤسسة ورسالتها. وكما هو موضح، كان الهدف من البرنامج الدراسي دعم منحة قائمة واحتياجات المتقدمين بالطلبات.
هاوبت وبيندر: إلى أي مدى تخضع الأهلية للمشاركة في برامج مؤسسة الإمارات للقيود؟ هل هي موجهة إلى المواطنين الإماراتيين فقط أو أنها تعني أيضاً المتحدرين من بلدان أخرى المقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة؟
سلوى المقدادي: تكمن مهمة المؤسسة في مساعدة الأفراد والمؤسسات في تحقيق تقدم مستدام وطويل الأمد في الإمارات، لذا تقدّم كل المنح إلى الإماراتيين، ولا سيما الأفراد منهم. وعلى سبيل المثال، توفّر جائزة المنح السنوية للفنانين الشباب فرصاً للإماراتيين الذين لا تتجاوز أعمارهم 35 سنة لإنتاج أول فيلم قصير لهم، وإنتاج الأعمال المسرحية والتجهيزات الفنية والمعارض. ولكن المؤسسة تستطيع وتقدّم أيضاً المنح إلى مؤسسات غير ربحية في دولة الإمارات العربية المتحدة أو لأفراد يغنون مباشرة حياة الأفراد في المجتمع. ويتم تقديم المنح إلى الجامعات والمنظمات التي تخدم المجتمع الإماراتي ككل والباحثين الذين يدرّبون الإماراتيين.
ويموّل برنامج الثقافة والفنون أيضاً الجائزة العالمية للرواية العربية التي زادت عدد القراء في العالم العربي، ما ساهم في تقدّم الرواية العربية وأعطاها أهمية على المستويين الإقليمي والدولي كما يدل على ذلك عدد من المنشورات والترجمات لروايات مختارة إلى أكثر من 13 لغة.
هاوبت وبيندر: هل من نصيحة شخصية يمكنك أن تسديها إلى المتقدمين بالطلبات؟
سلوى المقدادي: ننصح المتقدمين بالطلبات بتحديد أهدافهم بدقة، وإدراج ميزانية مفصلة، والتقدّم بطلبهم قبل ستة أسابيع على الأقل من بدء المشروع. ويفترض بهم أن يدركوا أن طلبات المنح تُراجَع من قبل مقيّمين من الخارج متخصصين في مجالهم. كما أننا نشجعهم على تحديد التمويل المشترك لمشروعهم. فيهمّ المؤسسات أن تعرف أن أطرافاً أخرى تؤمن أيضاً في مشروع المرشّح. وأخيراً، لا يجدر بالمرشحين الذين لم ينجحوا في مسابقاتنا أن يشعروا بأي إحباط، وإنما أن يأخذوا تعليقات المراجعين بعين الاعتبار في طلباتهم الجديدة ويحرصوا على السعي إلى تحقيق حلمهم.
ملاحظات:
هاوبت و بيندر
جيرهارد هاوبت وبات بيندر رئيسا تحرير مجلة الفن نفس وشركاء في نشرها، وينشرا منذ عام 1997 المجلة الإلكترونية عوالم في عالم - عوالم الفن، ويعيشا في برلين - ألمانيا.
سلوى المقدادي مؤرخة فنية ومنسقة متاحف عملت على مدى 25 عاماً في مجال الفن العربي والمتاحف. وهي الراعية الفنية لأول معرض فني فلسطيني مشارك في بينالي البندقية للعام 2009، وتعد عضواً مؤسساً ومديرة لمصادر الفنون البصرية والثقافة (1988 – 2006) وهي عضو مؤسس لجمعية الفن الحديث والمعاصر في العالم العربي وإيران وتركيا.