لزائري اسطنبول، والعديد من سكّان المدينة حتّى، المشهد الفنيّ المحلّيّ عالم غريب. بالرغم من ذلك، ليس هناك أدلّة إلى هذا العام ولا خرائط ولا مختصو سياحة يأخذونك باليد. بدون هذه المصادر، تتحوّل أصغر المشاكل إلى صعوبات لا حدّ لها.
مشروع
استعلامات الفنانين
بيست/// (///PIST)، هو مبادرة فنانين غير ربحيّة افتُتِحت في حيّ بَنغالتي الاسطنبولي في أيّار مايو 2006، ويهدف إلى مواجهة النقص في المعلومات حول الفن المعاصر في اسطنبول وذلك من خلال مشروعه الحالي
استعلامات الفنانين. مفتوح للزيارات طوال شهر آب أغسطس، يتّخذ هذا التجهيز الفراغيّ المصمم بأناقة الشكل المألوف لأكشاك المعلومات المتوزّعة في ساحات المُدُن والمطارات وأماكن جذب السيّاح في كلّ أنحاء العالم. ينتظر شخص مبتسم وراء مكتب، مستعدّا للإجابة على أسئلتك.
يريد زوّار استعلامات الفنانين أن يستفسروا عن: أين يمكن لي أن أستأجر كاميرا 16 ملم في اسطنبول؟ ما هو عدد مقتني الفن في المدينة؟ ماذا تعني كلمة "عرقيّ" (إثنيّ) وكيف توظَّف في الفن المعاصر في تركيّا؟ تنوي بيست (PiST) أن تجمع وتنشر قائمة بهذه الأسئلة مع أجوبتها. في بعض الحالات، ستطلب بيست (PiST) من فنانين وقيّمين على معارض أن يجيبوا عليها. ولكن، عوضا عن منح الإجابة "الصحيحة" الوحيدة لكلّ سؤال، بيست (PiST) ستضمّ كذلك نطاقا من الأجوبة من الأفراد خارج عالم الفن.
بـ استعلامات الفنانين تستثمر بيست (PiST) وضعها كمؤسسة مستقلّة لتنتقد ادّعاءات الصناعات السياحيّة والفنيّة بامتلاكهم المعرفة الخبيرة. ولكن، المشروع يعمل كذلك نحو نتائج أكثر إنتاجيّة: منح الجميع إمكانيّة الوصول إلى وضع "الخبير،" ويتحوّل إلى منتدى حيث يمكن للناس أن يتوصّلوا، معا، إلى حلّ صعوبات صناعة وعرض فنّهم. في الواقع، تنوي بيست (PiST) أن تُنهي مشروع
استعلامات الفنانين بتنظيم سلسلة من حوارات الطاولة المستديرة التي ستجمع العديد من "الخبراء" الذين تمّ العثور عليهم حديثا للنقاش في ثمانية أسئلة مختارة من تلك التي طُرِحت في مكتب الاستعلامات. كتفرّع آخر عن المشروع، أنتجت بيست (PiST) "دليلا" (روزنامة للنشاطات الفنيّة المحليّة بعنوان لِست LiST (قائمة)) وستبرمج "جولات" (رحلات في المدينة يقودها الفنانون)، ابتداءً من منتصف شهر أيلول سبتمبر.
كيف تتحدّث اللغة المحليّة؟
بالرغم من أنّ مشروع بيست (PiST)
استعلامات الفنانين حثّ على نشوء علاقات جديدة مع الزوّار العالميين، إلاّ أنّه لم يثر إلاّ القليل من التفاعل مع محيطه المباشر. يبعد حيّ بيست (PiST) قليلا عن تاكسيم (بُعْدَ محطّة ميترو واحدة)، حيث تتكتّل معظم نشاطات المدينة الفنيّة. إلاّ أنّ بيست (PiST) ظاهرة متميّزة في هذه المنطقة. "لم نر في حياتنا شيئا كهذا قط، " يقول أحمد، بائع شاي محلّيّ.
يراقب أصحاب المحلاّت والقاطنين ما يحدث في المركز الفنيّ بالطريقة عينها التي يمكن للمرء أن يتجسس بها على جار غريب الأطوار: بدرجات متنوّعة من الفضول وبرغبة قليلة بالاحتكاك إلاّ إن أُثير. السبب الأوّل لذلك هو تردد المحليّون في استكشاف المزيد عن بيست (PiST) نتيجة الانطباع لديهم بأنّه منتدى للأجانب في الأغلب.
. بيست/// 7-24، يحصد شبّاك العرض الدائم التغيُّر، المفتوح باتّجاه الشارع، أوسع قدر من القبول. "يحبّ الناس شبّاك العرض،" يقول أحد أصحاب المحلاّت. "يأتون ويتفرّجون بفضول على الصور الجديدة."
منذ افتتاحه في 2006، ابتدأ بيست (PiST) تدريجيّا بتكثيف ما يصطلح عليه المؤسّسان ديدم أوزبيك وأوزمان بوزكورت بأنّه إجراءهم لـ "بحث" في حيّهم. سكن كلا من أوزبيك وبوزكورت قريبا من موقعه لعدد من السنوات قبل افتتاح بيست (PiST)، وانطلق قرارهما لتأسيس مساحة فنيّة من علاقتهما الشخصيّة مع المنطقة. تصرّفا، جزئيّّا، بناءا على شعور بالإحباط. كان الجميع من حولهم يؤكّد حضوره في المساحة العامّة حيث ينادون من أجل الشاي وينظّمون مواقف السيّارات ويتجادلون في الشارع. وباستملاك واجهات ثلاثة محال تجاريّة متجاورة (محلّ أدوات كهربائيّة ومطعم وبقّالة في السابق)، صنع الزوج مجالا لاهتماماتهم الفنية في وسط المحلاّت والبارات المحليّة.
لكن، يشير كلاهما، العمل على مستوى الشارع كـ بيست (PiST)، وليس كـ "ديدم وأوزمان،" عمليّة حسّاسة. ليس جليّا إن كان أسلوب المحليين المتحفّظ هو ردّ فعل محدد على وضع بيست (PiST) الغامض، أو إن كان ردّ الفعل هذا دليل على أنّ بيست (PiST) تتلاءم مع طريقة معيشيّة موجودة، حيث "عِش ودع غيرك يعيش" هي القاعدة التي يسلك بها هذا الحيّ. فبنهاية المطاف، لا تشعر كلّ المحلاّت في هذا الحيّ بحاجة إلى الإعلان عن أنفسها على أنّها شئ معيّن. بعضها ببساطة موجود،
هناك مثل رجل التصليحات حيث الأخشاب التي تُعبّئ متجره تخدم في إعلان ما يفعله تحديدا عوضا عن يافطة.
التفرع:
مع تيركيش بافيليونز (الأجنحة التركيّة)
مع مشروع
تيركيش بافيليونز قامت بيست (PiST) بأكثر خطواتها جرأة حتّى اليوم. يتميّز حي بنغالتي
ببارات البافيون المتعددة، التي تُحيط بـ بيست (PiST) من كلّ النواحي. بالتركية تشير كلمة
بافيون إلى نوع معيّن من البارات التركيّة رديئة السمعة، مكان للمتعة في ساعات الليل المتأخّرة مع موسيقى عالية والكثير من المشروب وطاقم من الموظّفات النساء فقط اللاتي تخدمن زبائن من الرجال حصرا.
ولكن
بافيون هي مصطلح من العالم الفني كذلك. لعلّ أكثراستعمالاتها شهرة هي في بينالي البندقيّة الذي يستضيف بافيليون (أجنحة) الفنانين حسب القوميّة، حيث، منذ القرن التاسع عشر، نُظّمت الأعمال جغرافيّا. في عدد من المناسبات، دعمت تركيّا بافيليونا (جناحا) في البندقيّة.
لمدّة ليلة واحدة، استُضيف مشروع
تيركيش بافيليونز بافيليونز في بيست (PiST) وفي بار جولدن جيت (Golden Gate) المجاور (بافيون) في الوقت ذاته. بتركيب صور وفيديو من البندقيّة واسطنبول، قارن المشروع بين نوعين من البافيليون وكليهما مساحة عرض بطريقته الخاصّة. إختلط رواد
البافيون والجمهور الفنّي معا في المكانين وفي الشارع إلى درجة أصبح مزدحما فلم تتمكن السيّارات من المرور. بالرغم من ذلك، عندما اعتذر بوزكورت من الجيران بسبب أي مضايقات غير مرغوب بها، أشاروا إليه بألاّ يقلق، وشكروه بالمقابل لجلبه بعضا من الحياة إلى الشارع في أمسية نهاية الأسبوع.
للبعض كان
تيركيش بافيليون بافيليونز نظرة دعابيّة لقراءات مختلفة في الهويّة الوطنيّة، مقارنة لعوبة بين صناعة رديئة للتسلية وممارسات العرض في مدينة تشتهر لتنوّع مهرجاناتها، أو حتّى التقديم المهين لـ "اللحم المعروض" في بارات البافيون (إشارة إلى النساء). لكن، بالنسبة لـ بيست (PiST)، فالأمر أكثر أهميّة كونه خطوة أخرى في "البحث" الذي تقوم به هذه المبادرة في موضعها تحديدا في حيّها الاسطنبولي المحيط. استعمال بيست (PiST) الغير تقليدي للمساحة التجاريّة سابقا وبرامجها لمدّة 24 ساعة ترسي بالمبادرة في محيطها المباشر بطريقة لم تتمكّن أن تفعلها أيّ مساحة فنيّة أخرى في اسطنبول. يبقى الأمر أن نرى إلى أيّ نوع من البافيليون ستحوّل بيست (PiST) ذاتها له.
ملاحظات:
Sarah-Neel Smith
Free-lance writer and research fellow in art history at the Ecole Normale Superieure, Paris.