إنه يشبه التجمّع العائلي إلى حدّ ما. يجتمع أصحاب من كل أنحاء العالم ، الكثير منهم ، تقريبا أغلبهم ، عادوا إلى وطنهم. بالرغم من ذلك فهناك مسحة من الحزن على الجو العام في مهرجان هومووركس 3. بيروت ومبانيها البيضاء ونورها الذي لا مثيل له ولياليها سريعة المجيء في نوفمبر هذه مساهمتها في الجو العام أقل من الحقيقة البسيطة أنه يبدو أن هذا المنتدى الثالث لممارسات القيام على النشاطات الفنيّة سيكون الأخير بشكله هذا. الفن من بيروت لا يزال يتصف بنزعة غرائبية على المسرح العالمي للقائمين على النشاطات الفنيّة والمؤسسات والسوق، كما أن عدد الممثلين من المؤسسات والمحافل الفنية الرئيسة ما يزال ملحوظا. إلا أن هذا يمكن أن يتغير سريعا. من المحتمل أن يتغير بسرعة كبيرة تسبق استقرار المشهد الفني وتشكّله.
فنانون وعاملون بالثقافة من جميع أنحاء العالم العربي – عائدون ومحليون ومهاجرون يختلطون مع زائرين من برلين ولندن وباريس ونيويورك – يحتشدون في بهو دار السينما السابق والذي يحضن الآن مسرح المدينة في شارع الحمرا، الذي كان يوما ما أسطورة. بالحكم على الصخب، مشهد بيروت الفني مزدهر وله أتباع محليون وعالميون كثيرون. كما المنتديين السابقين، هومووركس 3 يتغذى من طاقة وحماس منظمته ، كريستين طعمه. لسنوات تحدّت بتفان فناني بيروت ووفرت لهم مساحة ونشاطات. وهذا المنتدى الذي يعقد مثاليا مرّة كل سنة ونصف السنة.
بالرغم من التحدي والتحفيز يبقى هومووركس 3 ، وبشكل غريب ، غير محدد. هو مثل حفلة لأصحاب قريبين وقد سبق وقال كل فرد ما عنده. والإثارة أو الرغبة بالتعامل مع مواضيع جديدة غير متوفرة. تظهر هذه الأعراض على معرض الإفتتاح. لا يتطوّر أي شعور إحتفالي يُذكر في غرف غاليري صفير-زملر البيضاء الحوائط الساطعة الإضاءة والتي تكاد تبلغ حدّ الكمال (الغاليري من هامبورغ وفي بيروت منذ سنة تقريبا). أعمال الفنانين اللبنانيين تبدو ضائعة بشكل شاذ عندما وُضعَت مباشرة بجانب أعمال الفنانين من مناطق مختلفة. يرغب المرء أن يتعمّق في هذا الجانب الآسر للفشل وأن يتحرّى عن السبب لماذا تبدو هذه الأعمال القادرة على الإثارة من العالم العربي ، لماذا تبدو بهذا الشحوب في الصندوق الأبيض. الأسئلة تلو الأسئلة عن "ممارسات القيام على النشاطات الفنيّة" هذه بالذات والتي جعلها هومووركس 3 مركز اهتمامه ويجب أن تُناقش وأن تجد إجابات. لكن هذا المنتدى لا يُعقّدْ. وبالتالي نقص مساحة مستمرة للفن المرئي ومساحة دائمة الإشغال في بيروت أمر مؤلم.
الأكثر كثافة وشمولا هو برنامج الأفلام والفيديو وكذلك المحاضرات والنقاشات في إطار هومووركس 3. هنا ، في عتمة غرفة العرض ، يتجلّى للعيان غِنى وتعدد أوجه الإبداع الفني في المنطقة. بالمزيد من التعمّق في دراسته لمناسبة عاشوراء الشيعية [2] ، يقدّم جلال توفيق ، والتي لم تسبق مشاهدتها ، صورا بطيئة التسلسل للعلاقات والتأمّلات والمشاعر لمن يضربون أنفسهم. تبدو لي أن هذه إحدى أهم إكتشافات أيّام نوفمبر في بيروت: تصنيف الحب موضوعيا من وجهة نظر المتديّن. بالنسبة لجلال توفيق، أحد أكبر مفكري بيروت من الفنانين، الموضوع ليس الجمال في التطرّف بل في التأمل في لحظة النشوة بجميع ألوانها.
(Pasolini Pa* Palestine)
عدا عن ذلك ، قدّم المهرجان العديد من أفلام التأمل في الذات. لا تزال الحرب الأهلية وآثارها حاضرة بكثافة. عدم الثقة المستمر والأسئلة التي لا تنتهي في الشعور بالذنب والتكفير عنه تبقى المراجع الأهم في حياة وأعمال الفنانين اللبنانيين. تتجلّى درجة إقتراب الخيال من الحقيقة في أداء وليد رعد الذي صممه مع نعيم مهيمن، ناشط مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية. تألف الأداء الوثائقي للخيالي أو الخيالي للوثائقي عن مسلمين اختفوا أو أختطفوا في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ، تألف الأداء بدرجة من الإثارة والتشويق تحاكي أفلام الجريمة. الأخبار عن خالد المصري فى شهر ديسمبر 2005 وضّحت إمكانيّة تحوّل الخيال إلى حقيقة بسرعة فائقة. كادت تقفز قضيته من مسرح العرض إلى العناوين الرئيسة.
بين عامي 1985 و1988 احتلّ خبر اختطاف الرجلين الفرنسيين جان-بول كاوفمان وميشيل سورا مكانا بارزا في الأخبار. في حين أطلق خاطفو كاوفمان سراحه في بيروت بعد ثلاث سنوات، اختفى سورا بعد ثمانية أشهر في الحجز. صوّر عمر أميرلاي، الذي ولد في سوريا إلا أنه عاش عدا من السنوات في فرنسا، صوّر وصفا يتسم بالبعد ومليئا بالمشاعر المكبوتة للصديقين. بتواضع شرقيّ ، تقترب الصورة كثيرا من ميشيل سورا المختفي حتّى يكاد المرء يراه ويشعر به من خلال العرض على الشاشة.
(Action-ism)
لم يفتح هومووركس 3 طرقا جديدة أمام الفن في العالم العربي بل بيّن أنّ هذا المشهد يجب أن يوحّد نفسه بحيث يعيد اختراع نفسه. من الصعب إنكار أن بعض التطوّرات كانت واضحة. تمكّنت أمل قناوي (مصر) وأكرم الزعتري من توجيه الفن في الدول العربية باتجاهات جديدة. من الداعي الآن أن تبتدع كريستين طعمه وشريكها أشكال ألوان مَعالِم جديدة. بعد مراحل تأمل-الذات وتأكيد-الذات، أصبح من الضروري الآن التحاور بشكل أكثر إقداما داخليا وخارجيا – وتكبّد خسائر مؤلمة وإكتشافات قاسية كجزء من الصفقة!
ملاحظات، وصلات إلكترونية:
Anne Maier
Curator and cultural publicist, lives in Berlin. Communications director at Art Forum Berlin.
هومووركس 3 – منتدى ممارسات القيام على نشاطات فنيّة
المنظمون: أشكال ألوان
محاضرات، هيئات نقاش، عروض أفلاو مفيديو، معارض ، عروض أدائية، تراكيب فنية ، إصدارات كتب
17-24 نوفمبر 2005
مسرح المدينة
غاليري صفير-زملر
بيروت ، لبنان