أغرقت الحرب الأهلية لبنان في مستنقع من الدم والدموع لمدة ستة عشر عاما وتأججت بقسوة بين كل الطبقات، من النبلاء حتى العموم. بعد نهاية الحرب بثلاث سنوات أسّست كريستين طعمه، امرأة شابة من بيروت، أشكال ألوان، الجمعية اللبنانية للفنون التشكيلية. في وسط بيروت المهدّمة وبانسجام مع قول جوزيف بوي، كشفت عن جراحها وجراح الجميع. مع مؤسستها الغير ربحية بدأت في 1994 تقدّم مداخلات للجمهور في مساحات عامة.
يرى أشكال ألوان نفسه كجمعية فن "بدون عنوان ثابت" ويقدم منصّة للفنانين من المنطقة أينما دعى الأمر. من إحدى الأهداف المعلنة هو التساؤل الناقد في فعاليات القيام على النشاطات الفنية وتوثيق الأفعال الفنية ومحاولة توفير هيكلية مؤسساتية للمشاريع الفنية والقيام بدور المنتجين لفيديو وعروض وتولّي مسؤولية إصدارات وفتح مواقع مؤقتة للفن المعاصر. الأفراد المؤسّسون هم كريستين طعمه ومروان ريخماوي وليلى مروّة ورانية طبّارة ومصطفى يموت.
بجمهور واسع وبضمّه أكبر مجال ممكن من أشكال الفنون، تطوّر أشكال ألوان لييصبح أداة لا يمكن تجاهلها للإنتاج الفني وتجاوز حدود بيروت ولبنان. في الشرق الأوسط – دول بدون تقليد أكاديمي للفنون المرئية المعاصرة –أصبح، أكثر من أي وقت مضى، أشكال ألوان شريكا وسيطا. فكيف وأين يمكن لإنتاجات جديدة أن تُناقش عبر الحدود بحوار مختلط الثقافات في المنطقة؟ أشكال ألوان هو نقطة الوصل وغرفة التحكّم للمشهد الفني وقد احتل حيّزا مميّزا منذ نشأته. كوّنت كريستين طعمه وبمهارة شبكة عمل يعزّزها مساهمون وداعمون محليون وعالميون. قد يستطيع، بل ويجب، أن ينتقده المرء لاعتماده بشكل كبير على الدعم الأجنبي وأهواء الداعمين. ولكن ما الذي يبتغي على المرء أن يفعله في حال غياب الدعم الحكومي أو حتى إحتماليّته؟ لا تغيّر هذه الظروف من ضرورة هذه المنصّة: توفّرت هذه الأخيرة وبشكل أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.
لا تَقُل كريستين طعمه، أم لإبنة مراهقة وبنفسها ليست فنانة، لا تقل أي شئ بإطار الإنتاجات التي تنظّمها. تنسحب بشكل كامل لتعمل وراء الكواليس خلف الأعمال والفنانين. هذا هو السبب وراء بقاء كريستين طعمه، المحرّك الحقيقي لمعجزة بيروت الفنيّة، بقاءها في ظل كاثرين ديفيد وأبحاثها الميدانية في العالم العربي وبالتالي فهي غير معروفة نسبيا في ألمانيا.
عُقد المهرجان العالميّ الأول لأشكال ألوان في بيروت في نيسان 2002. المبدأ "هومووركس" الذي طوّرته كريستين طعمه لأشكال ألوان هو أن يتناقش خبراء عالميون في الإنتاجات الفنيّة في الموقع ومن المنطقة كل 18 شهرا. في نيسان 2002، وقد انفجرت الإنتفاضة الثانية قريبا، كانت الأسئلة حول التغريب الجغرافي والعاطفي هي المركزيّة لموضوع المهرجان المتعدد الجنسيات الأوّل. نُظِّم تحت ظروف صعبة وعُرِضت أعمال لفنانين من مصر وإيران والعراق ولبنان وفلسطين وسوريا. بعد ستة أشهر من الغزو الأمريكي للعراق، في أكتوبر 2003، كان تركيز هومووركس 2 على بيروت، خزانة الشرق الأوسط للعجائب والوسيط ما بين الشرق والغرب. قضايا لمفهوم "الوطن"، والذي قد يكون أصبح مفهوما أثريا الآن، فرضت نفسها. في تشرين ثاني 2005، فرض اغتيال الرئيس اللبناني السابق رفيق الحريري تأجيلا لمدة 6 أشهر لم يمكن تجنبّه، التقى المهرجان للمرة الثالثة لمناقشة وتحليل تطوّرات وتغيّرات وتراجعات في الحوار بين ما هو محليّ وعالميّ من مصالح ووقائع سياسيّة وأحلام مدنيّة. (أنظر المقالة عن هومووركس 3 في هذه المجلة [1].)
بدأ كل شئ في حديقة الصنائع، إحدى أقدم حدائق بيروت، عندما عرض عشرون فنانا أعمالهم في المساحة العامّة لمدّة أسبوع في 1995. أصبح شارع الحمراء، الذي كان يوما مشهورا كشارع للتجارة والأعمال، والكورنيش ملعبا للريادة البيروتية. اشترك أشكال ألوان بإنتاج عرض وليد رعد "رقبتي أرفع من شعرة" وقدّماها في بيروت، مباشرة على الموقع تحت تفحّص الجمهور الناجي من الحرب الأهلية. قالت كريستين طعمه: "بتجربة تنظيم ثلاث مراحل من منتدى هومووركس، لم يعد بديهيّا لنا أن نفترض أن وجود منصّة بحد ذاتها تحقّق إمكانيّة الحوار والتبادل الثقافي الحقيقيين. ما يسمح به منتدى هومووركس هو، في المقابل، مساحة إنتاجيّة حيث يمكن استكشاف وتأمّل وقائع اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية كما تُوَضَّح على شكل تعبيرات مرئيّة ومحكيّة تحدث بنوع من الإستمرارية النوعيّة. أصبحت هذه التعبيرات هواجسنا."
Anne Maier
Curator and cultural publicist, lives in Berlin. Communications director at Art Forum Berlin.
الميرة:
كريستين طعمه
مشاريع خاصة:
رشا سلطي
تنسيق البرامج:
شذى شرف الدين
مساعدة مديرة:
ماشا رفقا
إدارة:
علية حمدان
الأرشيف:
شيرين أبو شقرة
الموقع الإلكتروني:
منصور عزيز